لقد كان لي مؤخراً شرف المشاركة في أحد البرامج الشبابية التي يقدمها الإعلامي المتمكن الأخ أحمد نجف عبر تلفزيون سحر الإسلامي، حيث تناولت الحلقة موضوع الشباب والمسؤولية. وقد استثارتني تلك المشاركة للكتابة في هذا الموضع ببعض التركيز لما لهذا الموضوع من أهمية لاسيما في الوقت الراهن.
أولاً: معنى المسؤولية ومفهومها:
تعرف المسؤولية على أنها "ما يكون به الإنسان محاسباً ومطالباً عن أمور أو أفعال أتاها، سواء ابتداءً أو كردة فعل على حدث أو موقف معين". وليس هذا المفهوم بطبيعة الحال مرتبطاً بالمفردة العربية (المسؤولية) وإنما هو ارتباط بفحواها ومضمونها، حيث يلاحظ أنه حتى في اللغات الأخرى كاللغة الإنجليزية على سبيل المثال ينطبق هذا الأمر، حيث تقابل مفردة "المسؤولية" كلمة "Responsibility" والتي تتألف من شقين هما "response" أي الاستجابة أو ردة الفعل، و "ability" أي القدرة والاستطاعة. وكذلك هي الحال في اللغة الروسية أيضاً، إذ توازي كلمة المسؤولية كلمة "ответственность"، والمؤلفة من "ответ" والتي تعني الاستجابة، و"способность" والتي تعني القدرة والاستطاعة. وقس على ذلك بقية اللغات الأخرى.
والأصل في المسؤولية أن يكون الإنسان مسؤولا عن ذاته وعن تصرفاته وما يبدر منه من قول أو فعل. ولكن بطبيعة وجود هذا الإنسان ضمن تنظيمات اجتماعية، فإن هذه المسؤولية تمتد ليكون الفرد بذلك مسؤولا عن نفسه وعن مجموعة من الأفراد في إطار تنظيم اجتماعي معين. فرب الأسرة مثلا مسؤول عن أسرته والمدرس مسؤول عن الطلاب في فصله، والمدير مسؤول عن موظفيه، ورئيس الدولة مسؤول عن رعايا دولته، وهكذا..
من هذا المفهوم، نستخلص أن المسؤولية تنقسم في مستويين اثنين، الأول هو المسؤولية الذاتية التي تبقى مساحة قائمة حتى في حال كون الفرد واقعاً في إطار مسؤولية فرد أو مجموعة أخرى، أما المستوى الثاني فهو المسؤولية التنظيمية والتي يكون فيها الفرد مسؤولاً عن أفراد آخرين في تنظيم اجتماعي معين.
وتشير كلمة "مسؤول" المبنية للمجهول في فقه اللغة، إلى أن "هناك من يسأل هذا الفرد ويحاسبه"، وليس كما قد يفسرها البعض خطأ بأنها الحرية المطلقة، كأن يبرر الشخص قولا أو فعلاً أتى به بأنه "مسؤول عن نفسه" أي بمعنى أنه لا شأن للآخرين بما يفعل.. فالمسؤولية إذن لا تعني الحرية المطلقة، كما أنها في المقابل لا تعني الملكية، سواء كانت على المستوى الذاتي أو التنظيمي، إذ أن الإنسان المسؤول عن ذاته لا يملكها بحيث يحق له التصرف فيها كيف ما يشاء، وكذلك المسؤول عن أسرته الذي لا يحق له التصرف في أفراد الأسرة كيف ما شاء مصادراً بتلك الممارسة كيان وخصوصيات أولئك الأفراد أو قراراتهم أو خياراتهم أو ما إلى ذلك.
الأمر الآخر هو أن كلمة "المسؤولية" لا يمكن التعاطي معها بعيدا عن مفهوم "الحقوق والواجبات"، إذ أن المسؤولية ما هي إلا الموازنة بين حقوق الفرد وواجباته، وحقوق المحيط أو